موضوع: التبوريدة او الفانطازيا فن تراثي مغربي الأربعاء أبريل 11, 2007 2:32 am
التبوريدة او الفانطازيا فن تراثي مغربي
تقليد "الفانتازي"، يحرص الفارس أيضا على ارتداء زي مناسب، يتكون من "المنصورية" البيضاء اللون عموما، والحزام والجلابة والعمامة والسروال الفضفاض وكلها بيضاء. وينتعل نعلين من النوع العالي أو الواطئ. ويحمل خنجرا من نوع "الكمية" وقرن البارود، و"شكارة فيها آيات من القرآن الكريم. وعند إقدام الفارس على المشاركة في ألعاب الفروسية يتوضأ ويمتطي فرسه طاهر السريرة مصداقا لما يروم التعبير عنه من فضائل إنسانية متمثلة في الشجاعة وطهارة الروح. ويتمثل السلاح التقليدي لألعاب الفروسية في "البارودة" المعروفة بـ "المكحلة" المرصعة بخطوط متموجة دقيقة. ويحافظ الفارس عند توقفه على ركبته بارزة إلى الأمام، وساقه مائلة، وكعبه إلى الوراء، وأصابع رجله إلى الأسفل. وعند تحركه وركض فرسه ينتصب واقفا على الركاب، جاعلا رجله إلى الأمام وركبته إلى الخلف مما يمكنه من استعادة توازنه مستندا إلى أعلى القربوس الخلفي. وينطلق الفرسان مصطفين، ويزداد ركض الجياد التي تنهب بسنابكها أرض المضمار. وعندما يصبح "المقدم" بعبارة "الحفيظ الله" تدوي طلقات البنادق في وقت واحد محدثة فرقعة واحدة. هكذا تستحضر ألعاب الفروسية بعدا روحانيا مرتبطا بروح المقاتل والمنتصر، وبجيش قوي ينطلق فرسانه بسرعة البرق. فيما يظل الفرس، بكل ما يتمتع به من مؤهلات المتانة والقوة والتناسق والجمال، أساس الثراء الذي يتسم به هذا المهرجان الاستعراضي الشاهد على مجد تقليد
وفي هذا الجانب الذي نتحدث فيه عن براعة الفرسان في ركوب صهوات الخيول، نستحضر كذلك العديد من القابل الشهيرة بركوب الخيل، والتفنن في "الفانطازيا" واحترافها وإقامة المواسم، وخلق الفرجة للجمهور في الكثير من الأعياد والناسبات و ارتبطت الفروسية، بالقبائل المغربية في أقاليم معروفة وجهات احترمت هذا الفن، وساهمت بشكل مباشر في تطويره، والمحافظة عليه من الانقراض. ومن بين تلك القبائل والمناطق المشهورة بالفروسية نذكر على سبيل التمثيل، إقليم بن سليمان، إقليم خريبكة، الجنوب المغربي، إقليم خنيفرة، ازيلال وبني ملال، مكناس، فاس والمناطق الأطلسية، نسبة إلى جبال الأطلسي، هذا دون إغفال إقليم سطات جهة الشاوية عبدة ودكالة…الخ كل هذه الأقاليم، والمناطق تعتبر أن الحصان الحيوان الأليف الذي يمكن معه أن تعيش أحلى اللحظات، لحظات كلها ذكريات، وفنية وكرنفالية، شعبية، وإحساس بالزهو العربي النادر. في إقليم خريبكة" 200 كلم شرق الرباط" مثلا، توجد العديد من القبائل، المعروفة بهذا الفن الجميل، هناك بني خيران، بني سمير بني حسان، السماعلة، وأولاد إبراهيم، وفي هذه الأخيرة، يوجد العديد من الفرسان الذين عن علو كعبهم في ركوب الخيل و"التبوريدة" في إطار احتفالات وطنية ودينية غالية، من هؤلاء الفرسان نذكر على سبيل المثال، العربي ولد الطيبي، الذي يعتبر الفرس والحصان، و فن الفروسية، المحطات الأساسية في حياته الفلكلورية والفنية والاحتفالية، والكرنفال الاحتفالي الذي يعطي للإنسان إحساسا بالشرف والزهو العربي، والنخوة الوجودية التي لا تعدلها نخوة، خاصة إذا اعتبرنا أن ركوب الخيل في مثل هذه المناسبات يرتبط بالأرض، ومواقيت الصيف التي تكون خصيته، وفي موسم الحصاد والصيد. يبدو الفرس والمغرب كما أكد أنييس كارايون اسمين في غاية التناسب لأن الفرس في المغرب حيوان ذو مكانة خاصة، وقد سرت الركبان بأخبار الفرسان المغاربة مند زمن طويل وأشهر هؤلاء دون ريب البربر الزناتيون الذين سجل التاريخ مآثرهم الفروسية، والذين يعود لهم فضل ابتكار ألعابها المعروفة بالفانتازيا. وقد خبر المغرب العربي في العصر الوسيط والأندلس مثله سيطرتهم واندفاعهم. وفي ما يلي لمحة تاريخية عن هذا الشعب من الفرسان. ليس سهلا أن يصير قوم شعبا من الفرسان تنسج حوله الأساطير! فهذا الاستحقاق ثمرة تاريخ وتقليد وثقافة. وإذا كان البربر الزناتيون قد صاروا من أشد المقاتلين خطورة في الغرب الإسلامي إبان القرون الوسطى، فلأنهم كانوا أساسا رعاة! كان الزناتيون بمثابة اتحاد بربري يستقطب العديد من الفروع ـ كمغراوة، ومكناسة، وبنو إفران، وبنو مرين، وبنو برزال ويتكون في معظمه من قبائل بدوية وشبه بدوية ومنتجعة. وكانوا يعيشون في مناطق السهوب المتاخمة للصحراء وفي النجود العليا، على ارتفاع يقارب 1000 متر في المتوسط، و هكذا انتشروا في كل الجهات المتسمة بهذه الخصائص بين الساحل المتوسطي والصحراء وكانوا منصرفين تقريبا إلى الأنشطة الرعوية، متنقلين تبعا لضروريات الحياة و ظروفها، باحثين دوما عن الماء والمرعى لقطعانهم. وباعتبارهم رعاة، كان الزناتيون يمتلكون الدواب والجمال وخصوصا الخيول التي يبدو أنها شكلت أساس قوتهم و ثرائهم، فيما لم تكن القبائل البربرية الاخرى تمتلك سوى القليل من الخيل. لقد كانوا بفضل ما في حوزتهم من مطايا مقاتلين محتملين، صبورين وقساة، معروفين ببأسهم و خفتهم، وسعيهم اليومي إلى تأمين معاشهم وسلامتهم لذا كانت شجاعتهم و فطنتهم وغريزتهم خصالا اجتذبت غيرهم إليهم باستمرار وجعلتهم مقصدا في الشدائد سيما وانهم كانوا مقاتلين يزرعون الخوف، على أهبة الموت فداء لبقية أعضاءالقبيلة التي لم يكن كل فرد فيها سوى حلقة في سلسلة. ويستفاد من الأوصاف المتداولة بشأنهم أنهم كانوا شعبا متمردا، ممسكا بحريته بشراسة، شاقا عصا الطاعة على كل حكم قار ومركزي، ويمثل تهديدا دائما للمراكز الحضرية.