الطيران النفاث :
لقد كان الجدل بين العلماء هو اختيار أنسب السرعات فوق الصوتية التي يمكن أن يتحملها جسم الإنسان دون أن يحدث فيه تغيرات ومؤثرات بيولوجية أو فسيولوجية جسمية أو تصبه بالضرر ، ولم يلتفت العلماء إلى الجانب الأهم وهو مدى ما يمكن أن تحدثه كميات الغازات الرهيبة التي يمكن أن تنفثها هذه الطائرات من عوادم في الغلاف الجوي ولا موجات الهواء التصادمية التي تسبق هذه الطائرات .
فلا يمكن أن نستهين بعملية الإزاحة الميكانيكية للكتل الهوائية التي تحدثها الطائرات الأسرع من الصوت فالمعروف في ديناميكا الهواء أن التضاغط الذي تحدثه حركة الطائرات الأسرع من الصوت في طبقات الهواء تتسبب في تكوين " فيلم " أي غشاء رقيق من الهواء المضغوط انضغاطاً شديداً تحت وطأن الحركة السريعة للطائرات .. حتى أن نسبة الزيادة في كثافة الهواء المضغوط الذي يسبق مقدمة هذه الطائرات تصل إلى 40% .
فإن هذا الاضطراب بلا شك يحدث خلخلة وإزاحة للكتل الهوائية التي تتحرك وسطها الطائرات الواحدة ، وخصوصاً وأن أغلب الطائرات اليوم تستخدم محركات نفاثة ومعظمها يطير بسرعات قد تفوق سرعة الصوت . :A11
بالإضافة إلى الاضطراب الذي تحدثه هذه الطائرات في طبقات الغلاف الجوي ، والتي من آثارها تدمير غاز الأوزون في هذه الطبقات لخروج غازات وسيطة ( مثل غاز النيتروجين أو الأوزوت منها) حيث أن محركاتها تقوم بشفط أو ابتلاع قدر هائل من الهواء من مقدماتها للحصول على الأكسجين الموجود في الهواء والموجود في أكاسيد النيتروجين أيضاً ، وذلك بغية أن يعمل الأكسجين كعامل مساعد للاحتراق الهائل الذي يحدث في غرف احتراق محركات هذه الطائرات . :fi1
ومن ثم فإن بقايا هذا التفاعل وهو غاز الأوزوت ( النيتروجين ) يكون بالضرورة موجوداً في غازات العادم التي تتنفثها من مؤخراتها والتي تؤدي إلى دفع الطائرات بالتالي إلى الأمام .. ولم يقتصر الأمر على الطائرات فوق الصوتية وحدها .. بل عمد مصممو الطائرات المدنية إلى تصنيع محركاتها وهياكلها بحيث تستطيع أن تحلق على ارتفاعات عالية لكي تقتصد في استهلاك الوقود .
ومن ثم أصبحت كثير من الطائرات المدنية تصعد إلى ارتفاعات في طبقة الاستراتوسفير معتمدة على التكيف الصناعي للضغط في داخلها .
وبذلك أصبحت الطائرات في غنى عن الأكسجين من الهواء اللازم لتنفس الركاب ، كما أن تحرر الطائرات من السحب يجعلها تطير في جو صاف ، وفي مأمن من حوادث التصادم لتوفر الرؤية الصافية ، فضلاً عن عدم التعرض لاهتزازات ناجمة عن التيارات الهوائية الصاعدة والهابطة والتي تحدث الأثر المضخي .
بالإضافة إلى الوفر في حرق الوقود …. ومعنى ذلك في النهاية أن مختلف الطائرات سواء تلك التي تطير بسرعات ( فوق صوتية ) أو بسرعات ( دون صوتية ) وسواء الطائرات العسكرية أو المدينة أصبح أغلبها يخدش الارتفاعات القريبة من طبقة الاستراتوسفير التي يبدأ غاز الأوزون في التشكل فيها، ومن ثم أصبح معرضاً إما للتحرك بالإزاحة أو للنضوب أو التدمير بالتفاعل الكيميائي مع المركبات التي تنفثها هذه الطائرات .